كشف الستار عن حالة ظَفَارِ للشيخ عيسى الطائي قاضي قضاة مسقط (56)

 

 

 

تحقيق: ناصر أبوعون

بمُطالعة كُتُب الرَّحالة والجغرافيين الذين وصفوا لنا إقليم (ظَفار) العُمانيّ (بفتح الظّاء المُعجمة)، نجد رصدًا تقديريًا لأسماء وأعداد القبائل في الإقليم؛ إمّا نقلوه سماعًا من رُفقاء رحلاتهم وقُصّاص الآثار، والأدلة العارفين بدروب الصحاري وخرائط السهول والأودية ولذا كانت تدويناتُهم غير كاملة الأركان؛ وإمّا دوَّنوه تقديرًا اعتباطيًّا واستنادًا على المشاهدات والزيارات العابرة، وإمّا كتبوه بناءً على استعلامات استخباراتية من المناطق التي مرّوا بها على طول الطرق الممتدة من جنوب شبه الجزيرة العربية إلى شمالها عابرين صحراء الرَّبع الخالي، وإمّا سجلوها لأهداف استعماريّة لاحقة للمنطقة، وليس لعاقل أن يستوثق بمدونّات المستشرقين ويأخذها على محمل اليقين؛ لأنها تحملُ في طَيَّاتها مَعَاوِل هدمِها، وجرثومة نَقْضِها.

وبقراءة كُتبهم ومقارنتِها بالكتاباتِ المحليّة نجد الأخيرةَ أكثرَ واقعيةً وحِرصًا على لُحْمة المُجتمعات القبليّة وشَدّ رباط علاقات القربى العشائريّة، لتكون أغلظ وثاقًا، ومن ثَمَّ نقول: لا استطاعَ (ويلفريد ثيسجر) صاحب كتاب (الرمال العربية)، أن يضع مَسْردًا شاملا يضم مسميات سائر القبائل والعائلات الظَّفاريّة العُمانية، يمكن الرجوعُ إليه، واتخاذه مصدرًا أصيلًا، ولا نجح (ج.ج. لوريمر) في أن يشفي غليلنا، ولا أروى ظمأنا رغم امتداد موسوعتهِ الكبرى بقسميها الجغرافيّ والتاريخيّ؛ المعنونة بـ(دليل الخليج) فما وضعه من قوائم تِعدَاديّة بأسماء القبائل، وخرائط ديموغرافيّة لأماكن إقامتها لايمكن الوثوق به؛ لأنه أسقط الكثير من الفخائذ والبطون والفروع ومِن ثمَّ يصدق في المَرْجِعَينِ المثل العربيّ القائل:"كِلا الرَّجُلين ضَرَّاطٌ ولكن/ شهابَ الدين أَضْرَطُ من أخيهِ"(01)، والوصف ينطبق أيضًا على (برترام توماس) صاحب كتاب (البلاد السعيدة)، و(الكولونيل إس. بي، مايلز) صاحب (يوميات رحلة إلى عُمان)؛ فجميعهم رأى إقليم ظَفَار بعين السائح الجوّال وجامع المعلومات العاجل الواجل. ولأن أهل مكة أدرى بشعابها؛ فإننا نسوق في هذا المقام تِعدادات ثلاث عن قبائل ظَفار، ولكُلِ تِعْدادٍ زمانُه وظروفُه التاريخية ومُمْكِنَاتُ توثيقِه ومنهجيةِ جمعه وتدوينه.

(1) تِعداد الشيخ عيسى الطائيّ

فأمّا عن تصنيف الشيخ عيسى الطائيّ، فقد أثبته في مخطوطته (كشف الستار عن حالة ظَفَارِ) مشددًا على أمانته العلميّة بقوله (تَحَرِّيًا لا حَصْرًا)، و(التحرّي) مصدر ومن سياق المخطوط يكون (التَّحرّي) على معنيين؛ أمّا الأول، فهو مأخوذٌ من أصول الفقه، والمقصود به (الاجتهاد عند الاشتباه في طلب الأقرب إلى الصواب شرعًا)، ونقرأ شاهده في قول محمد بن الحسن الشيبانيّ: "وَلَو أَنَّ رَجُلًا كَانَ فِي سَفَرٍ وَمَعَهُ آنِيَةٌ ثَلَاثَةٌ، فِي كُلِّ إِنَاءٍ مَاءٌ أَحَدُها نَجِسٌ وَالآخَرَانِ طَاهِرَانِ، وَلَمْ يَعْرِفِ الطَّاهِرَ مِنْ غَيْرِهِ؛ فَإِنَّهُ (يَتَحَرَّى)، وَيَتَوَضَأُ وَيُصَلّي؛ لَأَنَّ الْأَكْثَرَ مِنْهَا الطَّاهِرُ، فَـ(التَّحَرِّي) يَجْزِيْهِ"(02)، وأمّا المعنى الثاني لكلمة (التحرّي)، فهو التَّوَخي والتّحوّط، ونقرأ شاهده في الحديث النبويّ: "اِجْتَنِبُوا الْحِجَامَة يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَالْجُمْعَةِ وَالسَّبْتِ وَيَومَ الْأَحَدِ تَحَرِيًّا"(03) وقول الطائيّ (لا حَصْرًا)، أي: لا استيعابًا ولا إِحْصاءً دقيقًا. ونقرأ شاهده في قول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه:" يَا رَبِّ صَلّ عَلَى النَّبِيّ وَآلِهِ/ عَدَدَ الْخَلَائِقِ، (حَصْرُهَا) لَا يُحْسَبُ(04)"

ذكر لنا الشيخ عيسى الطائيّ أنّ هذا التعداد بالتحرّي لا بالحصر وقام به إبان كان مرافقًا للسلطان تيمور في رحلته إلى ظَفار بداية العقد الثالث من القرن العشرين؛ يقول الشَّيخُ القاضِي الأجَلّ عِيَسى بِنْ صَالِحٍ بِنْ عَامِرٍ الطَّائِيُّ: [(ذِكْرُ عَدَدِ قَبَائِلِ ظَفَارَ تَحَرِّيًا لا حَصْرًا: آلُ عُمَرَ وَمَنْ تَعَلَّقَ بِهِمْ وَعَدَدُهُمْ أَلْفٌ، وَمَسْكَنُهُم جِبَالُ مِرْبَاط، وَبَيْتُ الْمَعْشَنِي وَعَدَدُهُمْ خَمْسُمِائَةٍ، وَمَسْكَنُهُمُ الْجَبَلُ الَّذِي بِحِذَاءِ طَاقَة، وَبَيْتُ جَعْبُوب وَعَدَدُهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ، وَمَسْكَنُهُمُ الْجَبَل، وَبَيْتُ كَشُوب وَعَدَدُهُمْ كَذَلِكَ، وَمَسْكَنُهُمُ الْجَبَل، وَبَيْتُ تَبُوك وَعَدَدُهُمْ مِائَتَانِ، وَمَسْكَنُهُمُ الْجَبَل، وَبَيْتُ قَطَن وَعَدَدُهُمْ كَذَلِكَ، وَيَسْكُنُونَ الْجَبَل، وَبَيْتُ سَعِيد وَعَدَدُهُمْ كَذَلِكَ، وَيَسْكُنُونَ الْجَبَل، وَبَيْتُ شَماس وَبَيْتُ عَكْعَاك وَالسَّعْدُون، وَيَسْكُنُونَ جَبَلَ الْقَمَرِ وَرُخْيُوت، وَعَدَدُهُمْ أَرْبَعُمِائَةٍ. وَهَذَا الْعَدُّ بِالتَّحَرِّي فَقَطْ دُونَ إِحْصَاء. وَالْحَضَرُ يَسْكُنُونَ الدَّهَارِيزَ، مِقْدَارُ مِائَةٍ، وَالشَّنَافِرُ يَسْكُنُونَ ظَفَار، وَعَدَدُهُمْ مِئَتَانِ، وَلَهُمْ حَارَةٌ، أَي مَحَلَّةٌ مَخْصُوصَةٌ تُعْرَفُ بِـ"حَافَةِ الشَّنَافِر"، وَالسَّادَةُ الْهَاشِمِيُّونَ وَعَبِيدُهُمْ، وَعَدَدُهُمْ زُهَاءَ مِئَتَيْنِ، وَيَسْكُنُونَ ظَفَار، وَآلُ كَثِيرِ بْنِ رَوَّاس، وَالْمَرَاهِينُ وَمَنْ تَعَلَّقَ بِهِمْ، وَعَدَدُهُمْ خَمْسُمِائَةٍ، وَيَسْكُنُونَ ظَفَارَ وَعوقد، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ بِالْجَبَلِ، وَلَهُمْ بِظَفَارَ حَافَتَانِ، أَي مَحَلَّتَانِ، وَمِقْدَارُ مِائَةِ نَفَرٍ مِنَ الْمَهَرَةِ، وَيَسْكُنُونَ الْجَبَل. وَهَذَا عَدَدُ أَهَالِي ظَفَار)].

(2) تعداد الشيخ سالم بن عبد الله الذهب

وهذا التعداد هو الأكثر حصرًّا والأعمّ تفصيلا وصِحَّةً وتحرّيا وشمولًا وإحصاءً، ومستندًا إلى أماكن الاستيطان الجغرافيّ؛ وأقرّ بأفضليته الباحث التاريخي خالد بن أحمد بن سالم الشنفريّ استنادًا إلى كتاب (الشيخ سالم بن عبد الله الذهب، سيرته الإصلاحية وعصره) ففي فصل عنونه بـ(المسلك الثاني)؛ (سكان الساحل الأوسط من القبائل العربية القحطانية) قال: "يستوطن الساحل الأوسط مجموعة من القبائل العربية القحطانية الآتية: "{1} قبائل الكثير (وينسبون إلى قبائل همدان القحطانية)، ويتفرّعون إلى عدة قبائل، وهم: الرَّواس، والشنفري، والمرهون، وفاضل، والمردوف، وبيت عمر بن جعفر، والحضريّ، والباجريّ). {2} قبائل اليافع: ويتفرّعون إلى عدة عشائر، وهم عشائر بني مالك، وهم: (النقيب، والنهاري، والقلم، وذبيان، والفضليّ، والمهندس، والصلاحيّ، والمرفديّ)، وعشائر بني قاصد، وهم: (العنسيّ، وعسكر، وشيخان، ومحسن بن علي، والمالكيّ، والزهر، والعاقل، وبيت معروف، وعاطف، وبن يحيى، وجحوم، والصامتيّ، والناخبيّ، وغيرهم). {3} قبائل المشايخ، ويتفرّعون إلى عدة عشائر، وهم: (الشيخ سعد، وباوزير، وباعباد، وباكثير، وباقوير، وبايعقوب، وباكريت). {4} قبائل وعشائر وأُسر أخرى، ويتفرّعون إلى عدة عشائر، وهم: (العامريّ، والغسانيّ، والعليان، والنهديّ، والتميميّ، والخالديّ، والزبيديّ، والعولقيّ، والحكمانيّ، والصيعريّ، والجعديّ، والعجيليّ، وباحجاج، والنجار، والحموميّ، والقاضي الجنيبيّ، وبيت عمانيّ، والجابريّ، وصفيان، وبامخالف، والحسان، وعبدون الهزيليّ، والحكيم، والفقيه الحميريّ، والشيداد، وعتيق، وكوفان، وبوذار، وصعر، وباحشون، والبوصيّ، والبصراويّ، وباصديق، وباشعيب، وبالخير، وآل عثمان، وبكير، وحيدر، والسمين، والمعلم، وقاووق، وبازنبور، وباعقبة، والشاجع، ومفلح، وبامكا، وباطاهر، ورمدان، وباحريش، ومعتوق، والراعي، ورطنة، والقود، والصيغ، وباعنقود، وباموسى، والغيليّ، وسعيدان، وباطرفة، وبارامي، وباسلوم، وباحيد، والشاميّ، وبيت عبيد، والعواديّ، والحضرميّ، وحميدون، والحبشيّ، وآل بركة، وشجنعة، وعميران، وبكور، وضحى، والشجيبيّ، وعبيدون، ودهيش، وحبظة، وآل جميل، وباتميرة، وباريدة، والبوباء، وشامور، ومصيدح، والبهدور، والرشود، وحزيم، ومعطي، وغيرهم). {5} قبائل الدارودي (من أصول عربية صومالية)، وهم: (علي سلمان، وصواخرون، وورسنجلي، ودشيشة، ورير عمر، وعثمان، وعمر محمود، والبهانتة، وعلي جبرائيل). {6} قبائل من أصول شمالية (شمال عُمان)، وهم:(الغافريّ، والغريبيّ، والعبريّ، والشكيليّ، والمعمريّ، والسعيديّ، والعريميّ، والحراصيّ، والبلوشيّ). {7} وهناك بعض الأسر من أصول أفريقية، وهم: (النوبيّ، وعجزون، وقصبوب، ورعيدان، ومجدح، وجبليّ، ومرزوق، والشاطريّ، ومطران، وطوازيز، وبن توفيق، وبن شمسة، والعويرة، وبرامك، وبيت مبروك، وبيت فرج، والقوَّال، والسيم، وبارشيد، ودوربين، وصبيح، ومصينع، وبانجا، ومتوانا، وكامونا، وبوسلاسل، وبن كليب، وبردحان، وغيرهم)، أمّا عن سكان سلسلة جبال ظَفار، فيقول: (يستوطون سلسلة جبال ظفار من جبل سمحان شرقًا إلى حوف غربًا القبائل العربية الآتية: {1} قبائل الشحر، ويتفرعون إلى عدة عشائر، وهم: (غفرم، والزوامرة، وصفرار، وعيرون، وطوه، وغفل، وأسلم، ومشرح، وحمديت، وعول، وأدكش، وحوش، وهوطي، وغليل، وجوزلي، وشريوت، وشاخار، وجحرير، وأرعبوب، وغيرهم). {2} قبائل القرا (الحكلي)، ويتفرعون إلى عدة عشائر، وهم: (العمريّ، والمعشنيّ، وقطن، وكشوب، وتبوك، وجعبوب، والعوائد، وبيت سعيد، وعكعاك، وبيت باقي، وحاردان، وشماس، وجشعول، وعلي بن عيسى، وجومع). {3} قبائل الكثير (وتنسب إلى قبائل همدان القحطانية)، ويتفرعون إلى عشائر عدة، وهم: (بيت علي بن بدر، بيت أحمد بن محمد، ومنهم: (بيت محمد بن أحمد، وبيت رياس وذيشليل)، وبيت هبيس، وبيت عمر بن محمد). {4} قبائل المهرة (وتنسب إلى قبائل قضاعة الحميرية القحطانية)، ويتفرعون إلى عدة عشائر، وهم: (عامر جيد، والحريزيّ، ورعفيت، وزعبنوت، وثوعار، وعموش، وكدة وسكرون، وبالحاف، وعزاب، وكلشات، وقمصيت، وقهور، وصمودة، وأمبوورك، ومهومد، وبيت زياد، وجيدح، ومغفيق، وبيت يسهول، والمجيبيّ، وصعيفوت، وحافر، وبيت سعد، والعوبثانيّ). {5} قبائل المشايخ، ويتفرعون إلى عدة عشائر، وهم: (بيت علي بن محمد، والشيخ العفيف، وأحمد العفيف، والسنح، وباعوين، والجحفليّ). {6} البراعمة. {7} اليافع: بيت عاطف"(05)  

(3) تعداد معجم أحلاف ظفار

وهذا التعداد تمّ جمعه من (معجم أحلاف ظَفار) و(منتديات ظَفار الفخر)، ويستند إلى توزيع القبائل على أماكن التواجد الجغرافيّ واستيطان السكان ما بين السهول والجبال؛ فـأمّا (أهل الجبل) فيتوزّعون على "خمسة قبائل، هي:{1} الحكليّ وهم: (العمريّ، والمعشني، وقطن، وكشوب، وتبوك، وجعبوب، والعوائد، وبيت سعيد، وعكعاك، وبيت باقي، وحاردان، وشماس، وجشعول، وعلي بن عيسى، وجومع)، وتنتسب إلى قبائل كندة القحطانية. {2} الكثيريّ، وهم: (بيت علي بن بدر، وآل أحمد بن محمد ومنها بيت محمد بن أحمد، وبيت رياس وذي شليل، وبيت هبيس، وآل عمر بن محمد (بيت دهدش)، وتنتسب إلى قبائل همدان القحطانية. {3} المهريّ وهم:(عامر جيد، والحريزيّ، ورعفيت، وزعبنوت، وثوعار، وعموش، وكده، وسكرون، بالحاف، وعزاب، وكلشات، وصفرار، وقمصيت، وقهور، وصموده، وامبورك، ومهومد، وبيت زياد، وجيدح، ومغفيق، وبيت يسهول، والمجيبيّ، وصعيفوت، وحافر، وبيت سعد، والعوبثاني، وتنتسب إلى قبائل قضاعة الحِمْيريّة القحطانية. {4} الشحريّ وهم: غفرم، والزوامريّ، وعيرون، وطوه، وغفل، وأسلم، وأرعبوب، ومشرح، وحمديت، وعول، وادكش، وحوش، وهوطي، وغليل، وجوزلي، وشريوت، وشاخار، وجحرير، ومطراف المنجويّ. {5} المشيخي وهم: بيت علي بن محمد، والشيخ العفيف، وأحمد العفيف، والسنح، وباعوين)، وأمّا (أَهْل السَّهْلِ)، ففيه إشارة إلى (سكان الحضر) في (مدن إقليم ظفار) وهم: {1} الأشراف الهاشميون، وهم: (باعلويّ، باعمر، الذهب، بيت الكاف، الحداد، آل حفيظ، العيدروس، الشيخ أبوبكر، باعبود، إبراهيم، عيديد، مقيبل، محي الدين بن سيف، المهدليّ، باهارون). {2} الكثيريّ بالمدن، وهم: (الرواس، الشنفريّ، المرهون، الحضريّ، فاضل، المردوف، بيت عمر بن جعفر، الباجريّ)، وهي تنتسب إلى قبائل همدان القحطانية. {3} اليافعيّ، وهم فرعان: (أ) <بنو مالك>: النقيب، النهاريّ، القلم، ذيبان، الفضليّ، المهندس، الصلاحيّ، المرفديّ. (ب) <بنو قاصد>: العنسي، عسكر، شيخان، محسن بن علي، المالكي، الزهر، العاقل، بيت معروف، عاطف، بن يحيي، جحوم، الصامتي، الناخبيّ. وغيرها).{4} قبائل المدن، وهم: (العامريّ، الغَسانيّ، العليان، النهديّ، التميميّ، الخالديّ، الزبيديّ، العولقيّ، الحكمانيّ، الصيعريّ، الجعديّ، العجيليّ، باحجاج، النجار، الحموميّ، (القاضي الجنيبيّ)، بيت عُمانيّ، الجابريّ، صفيان، بامخالف، الحسان، عبدون، الهزيليّ، الحكيم، الفقيه الحِمْيري، الشيداد، عتيق، كوفان، بوذار، صعر، باحشوان، البوصيّ). {5} قبائل المشايخ في المدن، وهم:(الشيخ سعد، باوزير، باعباد، باكثير، باقوير، بايعقوب، باكريت). {6} قبائل الداروديّ، وهم: (علي سليمان، صواخرون، ورسنجلي، دشيشة، ريرعمر، عثمان وعمر محمود، البهانتة، علي جبرائيل). {7} قبائل أصولها من شمال عُمان، وهم: (الغريبيّ، العَبريّ، الشكيليّ، الغافريّ، المعمريّ، السعيديّ، العريميّ، الحراصيّ، البلوشيّ).{8} عوائل تسكن في المدن، وهم: (البصراويّ، باصديق، باشعيب، بالخير، آل عثمان، بكير، حيدر، السمين، المعلم، قاووق، بازنبور، باعقبة، الشاجع، مفلح، بامكا، باطاهر، رمدان، باحريش، معتوق، الراعي، رطنة، القود، الصيغ، باعنقود، باموسى، الغيليّ، سعيدان، باطرفه، بارامي، باسلوم، باحيد، الشامي، بيت عبيد، العواديّ، الحضرميّ، حميدون، الحبشيّ وغيرها).{9} عوائل البحارة، وهم: آل براكة، شجنعة، عميران، بكور، ضحى، الشجيبي، عبيدون، دهيش، حبظه، المقمبع، آل جميل، باتميره، باريده، البوباء، شامو، مصيدح، البهدور، الرشود، حزيم، معطي، وغيرها).{10}عوائل أخرى، وهم: (النوبيّ، عجزون، قصبوب، رعيدان، مجدح، جبلي، مرزوق، الشاطري، مطران، طوازيز، بن توفيق، بن شمسه، العويرة، برامك، بيت مبروك، بيت فرج، القوّال، السيم، بارشيد، دوربين، صبيح، مصينع، بانجا، متوانا، كامونا، بوسلاسل، بن كليب، بردحان، وغيرها)"(06).

ذِكْرُ حَادِثَةٍ وَقَعَتْ

يقول الشَّيخُ القاضِي الأجَلّ عِيَسى بِنْ صَالِحٍ بِنْ عَامِرٍ الطَّائِيُّ: [(ذِكْرُ حَادِثَةٍ وَقَعَتْ.. وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا سَرَقَ بَقَرَتَيْنِ عَلَى رَجُلٍ بِالْجَبَلِ عِنْدَ وُصُولِ السُّلْطَانِ ظَفَارِ؛ فَجَاءَ الْمَسْرُوْقُ شَاكِيًّا فَطَلَبَ السُّلْطانُ السَّارِقَ فَامْتَنَعَ فَأَرْسَلَ الْخُدَّامَ لِقَبْضِهِ فَهَرَبَ وَرَاءَ النَّجْدِ؛ فَوَجَدُوا رَجُلًا قُرْبَ مَنْزِلِهِ، فَاتَّهَمُوهُ بِإِنْذَارِهِ الْسَّارق فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَأَبْعَدَ التُّهْمَةَ عَنْ نَفْسِهِ فَأَغْلَظُوا عَلَيْهِ الْقَولَ، وَأَرَادُوا السِّلَاحَ مِنْهُ فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، وَأَطْلَقَ الرَّصَاصَ عَلَيْهِمْ فَقَتَلَ مٍنْهُمْ رَجُلًا فَأَثْخَنُوهُ جِرَاحًا وَاسْتَاقُوا بَقَرَهُ؛ وَهِيَ مِائَةٌ وَأَرْبَعٌ وَأَرْبَعُونَ بَقَرَةً، فَلَّمَا وَصَلُوا الْحِصْنَ عَزَلَهُمُ السُّلْطَاُن عَلَى فِعْلِهِمْ هَذَا، وَرَدّ الْبَقَرَ جَمِيْعًا إِلَى أَهْلِ الرَّجُلِ، وَقَالَ إِنَّمَا جِئْنَا لِإِيْقَاعِ الْأَدَبِ وَالْعِقَابَ بِاللّصُوصِ وَلَا حَاجَةَ لَنَا بِبَقَرِ أَهْلِ ظَفَارِ، وَإِذَا اِحْتَجْنَا إِلَى شَيءٍ مِنْهَا فَنَأْخُذُ ذَلِكَ بِدَرَاهِمِنَا)].

يقول الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [(ذِكْرُ حَادِثَةٍ وَقَعَتْ.. وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا سَرَقَ بَقَرَتَيْنِ عَلَى رَجُلٍ بِالْجَبَلِ عِنْدَ وُصُولِ السُّلْطَانِ ظَفَارِ)]

(ذِكْرُ حَادِثَةٍ) (ذِكْرُ) بالذال المعجمة مصدر، وفي لغة أخرى بالدال المهملة (دِكْر) استحضارها في الذهن بعد فواتها. وشاهده اللغوي في قول هناءة بن مالك بن فهم الأزديّ:" يُذَكِّرُنَا فِيْ الْوُدِّ أَيَّامَ شَعْثَمِ/ لَيَالِيَ أَسْبَابُ الْهَوَى لَمْ تُجَذَّمِ- وَمَا (ذِكْرُهُ) عَصْرَ الصِّبَا، وَقَدِ اِكْتَسَتْ/ مَفَارِقُهُ لَوْنَي خَلِيْسٍ وَأَسْحَمِ(07)"(حَادِثَةٍ وَقَعَتْ) اسم فاعل مذكّر لحقته تاء التأنيث للمبالغة الشديدة؛ مثل: (نابغ، قارع، واقع، نازل، عالم، فاهم) وللتعبير عن الشدة والمبالغة نقول: (نابغة، قارعة، نازلة، علّامة، فهّامة.. إلخ)؛ و(الحادث) هو كل ما يحدث، أما (الحادثة) فهي ما يحدث من أمور عظيمة شديدة، وربما كارثيَّة.(أَنَّ رَجُلًا) جاءَ بها نكرة لا يدل على معيَّن محدد "دلَّ على مسمًى شائعٍ في جنسه من غير تحديد لرجل بعينه"، والغرض البلاغي منها إرادة إخفاء شخص المتحدّث عنه، لمصلحةٍ يراها الشيخ عيسى الطائيّ؛ وهي عدم التعريض والتشهير به. (سَرَقَ بَقَرَتَيْنِ) أخذ بقرتين من حِرز صاحبهما خُفيَةً على غير وجه حقٍّ. ونقرأ شاهد الفعل (سرق) في قول الزبير بن عبد المطلب القرشيّ، يذكر ابن جاريةٍ له اسمه مغيث: "وَإِنَّ ظَنِّي بِمُغِيْثٍ وَإِنْ كَبُرْ/أَنْ (يَسْرِقَ) الْحَجَّ إِذَا الْحَجُّ كَثُرْ- مِيْرَاثُ شَيْخٍ عَاشَ دَهْرًا غَيْرَ حُرْ(08)"(عِنْدَ وُصُولِ السُّلْطَانِ ظَفَارِ) (وُصُولِ) مصدر من (وصل)، أي: عند بلوغ السلطان تيمور أرض ظفار. ونقرأ شاهده اللغويّ في قول عبد الرحمن بن زيد بن الخَطَّاب العَدويّ؛ يتذمَّر من الحيلولة بينه وبين لقاء معاوية: "مَا لِي بُدٌّ مِنَ (الْوُصُولِ) إِلَيْهِ، فَإِنَّا إِلَى أَنْ تُوْصَلَ أَرْحَامُنَا، وَتُثَمَّرَ لَنَا أَمْوَالُنَا، أَحْوَجُ مِنَّا إِلَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنَّا مَا فِي أَيْدِيْنَا(09)".

الهروب وراء النجد

يقول الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [(فَجَاءَ الْمَسْرُوْقُ شَاكِيًّا؛ فَطَلَبَ السُّلْطانُ السَّارِقَ فَامْتَنَعَ فَأَرْسَلَ الْخُدَّامَ لِقَبْضِهِ فَهَرَبَ وَرَاءَ النَّجْدِ)].

(فَجَاءَ الْمَسْرُوْقُ شَاكِيًّا)؛ ورُبَّ صاحب ذائقة لغوية سأل: لماذا استعمل الشيخ عيسى الطائيّ الفعل (جاء)، ولم يستعمل الأفعال:(أَتَى)، أو(حَضَرَ)، أو(أَقْبَلَ) أو(وَرَدَ)؟ وفي هذا المعنى نكتة لطيفة! يقول الأديب الفلسطيني ماجد الدجاني- رحمة الله عليه: "إذا أردنا أنْ نعرف الفرق بين دلالة كَلمتَيْن مُترادفتين فيجب دراسة محلِّ الخطاب للنَّصِّ الذي وَرَدَتْ فيه الكَلمة، ومن خلال إسقاط النَّصِّ على الواقع تبدأ عمليَّة ظُهُور الفوارق بين دلالة الكَلمات بشكل خفيٍ، إلى أنْ تظهر كاملة"؛ وبناءً عليه فاستعمال الفعل (أتى)، يكون للدلالة على أول الوصول من بعيد مع الجهل بالمكان الذي (أتى) منه. ومثاله قول الله تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى} [سورة طه، الآية: 11]، فأمَّا استعمال الفعل (حَضَرَ) يكون للدلالة على جهد فكري ثقافي معرفيّ يتعلّق بالعقل تمّ الاتفاق على مناقشته. ومنه قول الله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ} [سورة الأحقاف، الآية: 29] بمعنى أن الجنّ حضروه للعلم. وأمَّا استعمال الفعل (أَقْبَلَ) فيكون للدلالة على وجود قضية مشتركة بين الناس فأقبلوا يريدون مناقشتها. ومثاله قول الله تعالى: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ} [سورة القلم، الآية:30]؛ فلا يكون الإقبال إلا بعد التدابر، وقد حصل شيء خطأً وأقبلوا لمناقشته وتصحيحه. ولم يستعمل شيخنا الطائي الفعل (وَرَدَ) لأنه فعلٌ يستعمل في موضعين فقط؛ الأول عند قصد التزوّد بالماء. ومنه قول الله تعالى: {ولمّا ورد ماء مدين} [سورة القصص، الآية 23] أو بقصد العذاب. ومنه قول الله تعالى في قصة فرعون: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمْ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ} [سورة هود، الآية 98]، وأمّا استعمال الفعل (جَاءَ) فيكون للدلالة على الاقتراب ثم الجلوس، والمجيء فيه صعوبة وشدة. ومنه قول الله تعالى: {وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ} [سورة يوسف، الآية:16]؛ والإتيان والمجيء بمعنى واحد؛ لكن الإتيان فيه سهولة ويسر، أما المجيء ففيه صعوبة وشدة. وكلمة (الْمَسْرُوْقُ) اسم مفعول من (سَرَقَ)؛ أي: صاحب البقرتين اللتين أخذهما السارق خُفيَةً من حِرزهِ على غير وجهِ حقٍّ. والشاهد فيه نقرأه في قول يونس بن يزيد الأيليّ: "عن يونسَ عن ابنِ شِهابٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ اِبْتَاعَ وَلِيْدَةً مَسْرُوقَةً أَوْ آبِقَةً فَتَلِدُ مِنُهُ، ثُمَّ يَأْتِي سَيِّدُ الْجَارِيَةِ فَيَقْبِضُهَا وَيُرِيْدُ أَخْذَ وَلَدِهَا. قَالَ اِبْنُ شِهَابٍ: نَرَاهَا لِسَيِّدِهَا(10)". (شَاكِيًّا) اسم فاعل من (شكو/ي) ومعناه: يبثُّ شكواه للسلطان. ونقرأ شاهده اللغويّ في قول ابن الدُّمينة:"خَلِيْلَيّ، إِنِّي الْيَوْمَ (شَاكٍ) إِلَيْكُمَا/ وَهَلْ تَنْفَعُ الشَّكْوَى إِلَى مَنْ يَزِيْدُهَا؟!(11)"(فَطَلَبَ السُّلْطانُ السَّارِقَ) أمر رجاله بالسعي والبحث عنه للنيل منه وإداركه للمثول بين يديه. والشاهد اللغويّ على الفعل (طلب) نقرأه في قول خمعة بنت الخُسّ الإياديّة: "يَفِرُّ الْفَتَى وَالْمَوْتُ (يَطْلُبُ) نَفْسَهُ/ سَيُدْرِكُهُ، لَاشَكَ، يَوْمًا فَيُجْهِزُ(12)" (فَامْتَنَعَ): اختبأ وتحصّن واحتمى، وهو فعلٌ لازمٌ، والشاهد فيه قول غراب بن ظالم الفزاريّ: "إِذَا (اِمْتَنَعْنَا) مِنَ الرِّجَالِ، فَهَلْ هُمَا/ مِنَ الدَّهْرِ وَالْأَيَّامِ مُمْتَنِعَانِ؟([[1]])" (فَأَرْسَلَ الْخُدَّامَ لِقَبْضِهِ) (أَرْسَلَ): بَعَثَ. والشاهد اللغويّ فيه نجده في قول عمرو بن قميئة البكريّ:"فَـ(أَرْسَلْتُ) الْغُلَامَ، وَلَمْ أُلَبِّثْ/ إِلَى خَيْرِ الْبَوَائِكِ تَوْهَريّا([[2]])". (الْخُدَّامَ): بعض أفراد حامية الحِصْن، وأمرهم (قَبْضِ) السارق بتعقّبه والقبض عليه. و(الْخُدَّام، الْخَوَادِم، الْخَدَم، خَدَمَة) جموعٌ والمفرد (خادِم) اسم فاعل: وهم القائمون على حاجات السلطان يؤدونها عنه، ولكنها في سياق المخطوطة جاءت بمعنى الحُرّاس من أفراد حامية الحصن العسكريّة. والشاهد اللغوي عليها نقرأه في قول طرفة بن العبد البكريّ يفخر بقومه: "يُجْبَرُ الْمَحْرُومُ فِيْنَا مَالَه/ بِبِنَاءٍ، وَسَوَامٍ، وَ(خَدَم) ([[3]])"لِـ(قَبْضِهِ): الإمساك به وسجنه. وهي مصدر نقرأ شاهده اللغويّ في قول أبي بكر الصّوليّ: "وَأَرْجَفَ النَّاسُ أَنَّ الْخَلِيْفَةَ رَاسَلَ التُّرْجُمَانَ فِي (الْقَبْضِ) عَلَى نَاصِرِ الدَّوْلَةِ، وَالْمَجِيءِ بِهِ الدَّارَ(16)" (فَهَرَبَ وَرَاءَ النَّجْدِ) (هَرَبَ): فَرَّ. ونقرأ شاهده اللغويّ في قول أبي أُذَيْنة اللخميّ: "وَكَانَ أَحْسَنَ مِنْ ذَا الْعَفْوِ/ لَكِنَّهُمْ أَنِفُوا مِنْ مِثْلِكَ (الْهَرَبَا) (17)". (النَّجْدِ) ما غَلُظَ من الأرض مُسْتَوِي الظَّهر وأشرفَ في ارتفاع. ويُجْمع على سبع صورٍ هي: (نُجُود، نِجَادَة، نِجَاد، نُجُد، أَنْجَاد، أنْجُد، نُجْد) ويقع النجد جغرافيًا في بادية إقليم ظفار، ويمتد في مساحات شاسعة لأكثر من 40 ألف كيلومتر مربع في مركز (نيابة الشصر) و(هيلة الراكة) و(حنفيت) و(دوكة) و(وادي بن خويطر) حيث تنبسط الأرض وتخصُب التربة. ونقرأ شاهده اللغوي في قول جَذِيمة بن وائلةَ الشَّاكريّ: "وذَرُوا الْحَقَّ، وَخَلُّوا مَنْ دَنَا/ فِي هِضَابٍ وَ(نُجُودٍ) وَسَنَدْ(18)".

استاقوا 140 بقرة

يقول الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [(فَوَجَدُوا رَجُلًا قُرْبَ مَنْزِلِهِ، فَاتَّهَمُوهُ بِإِنْذَارِهِ الْسَّارق فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَأَبْعَدَ التُّهْمَةَ عَنْ نَفْسِهِ فَأَغْلَظُوا عَلَيْهِ الْقَولَ، وَأَرَادُوا السِّلَاحَ مِنْهُ فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، وَأَطْلَقَ الرَّصَاصَ عَلَيْهِمْ فَقَتَلَ مٍنْهُمْ رَجُلًا فَأَثْخَنُوهُ جِرَاحًا وَاسْتَاقُوا بَقَرَهُ؛ وَهِيَ مِائَةٌ وَأَرْبَعٌ وَأَرْبَعُونَ بَقَرَةً)]

فلما وصل خدم السلطان تيمور وهم طائفةٌ من عسكر حصن ظَفار إلى بيت السارق، (فَوَجَدُوا رَجُلًا قُرْبَ مَنْزِلِهِ) (فَاتَّهَمُوهُ بِإِنْذَارِهِ الْسارق): تنبيهه وإشعاره بخطر قُدوم العسكر فأخذ حذره. ونقرأ الشاهد اللغويّ لكلمة (إنذار) في قول الكميت بن زيد يصف قوس صائدٍ تصوِّتُ عند الإنباض، فتشعر الفريسة بخطر:"لَمْ يُعِبْ رَبُّها وَلَا النَّاسُ مِنْهَا/ غَيْرَ (إِنْذَارِهَا) عَلَيْهِ الْحَمِيْرَا(19)" (فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَأَبْعَدَ التُّهْمَةَ عَنْ نَفْسِهِ) (فَأَغْلَظُوا عَلَيْهِ الْقَولَ): فظاظَةً وفُحشًا. ونقرأ شاهد (أغلظوا) في قول الجاحظ: "وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ عِتَابَكَ أَشَدُّ مِنَ الصَّرِيْمَةِ، وَأَنّْ تَأْنِيْبَكَ (أَغْلَظُ) مِنَ الْعُقُوْبَةِ(20)" (وَأَرَادُوا السِّلَاحَ مِنْهُ فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، وَأَطْلَقَ الرَّصَاصَ عَلَيْهِمْ فَقَتَلَ مٍنْهُمْ رَجُلًا) (فَأَثْخَنُوهُ جِرَاحًا وَاسْتَاقُوا بَقَرَهُ؛ وَهِيَ مِائَةٌ وَأَرْبَعٌ وَأَرْبَعُونَ بَقَرَةً). (أَثْخَنُوهُ جِرَاحًا): اشتدوا عليه ضربًا وأثقلوه جراحًا. ونقرأ الشاهد اللغوي لكلمة (أَثْخَنُوهُ) في قول عبد الله بن مسعود الهذليّ، يصف قَتْلَه أبا جهل في غزوة بدر قائلًا: "فَأَجْهَزْتُ عَلَيْهِ فَنَفَلَنِي – رَضِي اللهُ عَنْهُ – سَيْفَهُ لَمَّا أَجْهَزْتُ عَلَيْهِ، وَكَانَ قَدْ (أُثْخِنَ)(21)"(وَاسْتَاقُوا بَقَرَهُ؛ وَهِيَ مِائَةٌ وَأَرْبَعٌ وَأَرْبَعُونَ بَقَرَةً) (اسْتَاقُوا) جمعوا بقره وساقوها أمامهم إلى الحصن عِقَابًا له. والشاهد اللغوي على كلمة (اسْتَاقُوا) نقرأه في الحديث النبويّ:" عن عبد الله بن عُمر، أنه قال: سَمِعتُ رَسولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) يَقولُ: مَنِ استَطاعَ منكم أنْ يَكونَ مِثلَ صاحِبِ فَرَقِ الأرُزِّ فليَكُنْ مِثلَه. قالوا: ومَن صاحِبُ فَرَقِ الأرُزِّ يا رَسولَ اللَّهِ؟ فذَكَرَ حَديثَ الغارِ حين سَقَطَ عليهمُ الجَبَلُ، فقال كُلُّ واحِدٍ منهم: اذكُروا أحسَنَ عَمَلِكم. قال: وقال الثالثُ: اللَّهمَّ إنَّكَ تَعلَمُ أنِّي استأجَرتُ أجيرًا بفَرَقِ أرُزٍّ، فلَمَّا أمسَيتُ عَرَضتُ عليه حَقَّه فأبى أنْ يَأخُذَه، وذَهَبَ، فثَمَّرتُه له حتى جَمَعتُ له بَقَرًا ورِعاءَها، فلَقيَني، فقال: أعطِني حَقِّي. فقُلتُ: اذهَبْ إلى تلك البَقَرِ ورِعائِها فخُذْها. فذَهَبَ (فاستاقَها)(22)".

يقول الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [(فَلَّمَا وَصَلُوا الْحِصْنَ عَزَلَهُمُ السُّلْطَاُن عَلَى فِعْلِهِمْ هَذَا، وَرَدّ الْبَقَرَ جَمِيْعًا إِلَى أَهْلِ الرَّجُلِ، وَقَالَ إِنَّمَا جِئْنَا لِإِيْقَاعِ الْأَدَبِ وَالْعِقَابَ بِاللّصُوصِ وَلَا حَاجَةَ لَنَا بِبَقَرِ أَهْلِ ظَفَارِ، وَإِذَا اِحْتَجْنَا إِلَى شَيءٍ مِنْهَا فَنَأْخُذُ ذَلِكَ بِدَرَاهِمِنَا)].

..........

المراجع والمصادر:

(01) سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، أبو الفضل محمد خليل المرادي(ت، 1206هـ)، دار البشائر الإسلامية، دار ابن حزم، ط3، 1988م، ج2، ص: 253

(02) الأصل، محمد بن الحسن الشيبانيّ(ت، 189هـ)، تحقيق ودراسة: محمد بوينوكالن، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الدوحة، دار ابن حزم، بيروت، ط1، 2012م، 2/224

(03) سنن الحافظ أبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني،  ابن ماجه (ت، 273هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية، د.ت، 2/1153، رقم الحديث: 3487

(04) ديوان الإمام علي بن أبي طالب(رضي الله عنه)، اعتنى به: عبد الرحمن المصطاويّ، دار المعرفة، بيروت، ط3، 2005م، ص: 47

(05) السّيد المصلح الحبيب المحب (الشيخ سالم بن عبد الله الذهب) سيرته الإصلاحية وعصره (1914م- 2001م)، الدكتور حسين بن سالم بن عبد الله الذهب، دار النور المبين للنشر والتوزيع، الأردن، عَمَّان، ط1، 2023م، ص ص: 66، 67، 68، 69.

(06) يُنظر: معجم أحلاف ظفار، أحمد بن مسعود بن محمد المعشني، مكتبة بورصة الكتب، 2018م/ انظر: أسماء قبائل محافظة ظفار في سلطنة عمان، منتديات ظفار الفخر، الثلاثاء أغسطس 17، 2010 1:43 AM، https://www-alfkr.mam9.com/t224-topic

(07) شعراء عمان في الجاهلية وصدر الإسلام، جمع وتحقيق: أحمد محمد عبيد، المجمع الثقافي، أبوظبي، 2000م، ص: 94

(08) ديوان الزبير بن عبد المطلب، أبو الطاهر القرشيّ، تحقيق: الحسن الهاشميّ، العربية الثقافية، 1431هـ، ص: 18

(09) جُملٌ من أنساب الأشراف، أحمد بن يحيى البَلاذُريّ(ت، 279هـ)، ج(2-13)، تحقيق: سهيل ذكّار، رياض زركليّ، إشراف مكتب البحوث والدراسات، دار الفكر، بيروت، ط1، 1996م، 5/139-140

(10) المدونة الكبرى، مالك بن أنس الأصبحيّ الحميريّ(ت، 179هـ)، رواية سحنون بن سعيد التنوخيّ، مطبعة السعادة، مصر، 1323 هـ، 14/385

(11) ديوان ابن الدمينة، صنعة: أبو العباس ثعلب، ابن حبيب البغدادي، تحقيق: أحمد راتب النفّاخ، مكتبة دار العروبة، مطبعة المدني، القاهرة، 1959م، ص: 50

(12) كتاب بلاغات النساء، ابن طيفور البغدادي(ت، 280هـ)، تحقيق:أحمد الألفي، مطبعة والدة عباس الأول، القاهرة، 1908م، ص:62

(13) شعر قبيلة ذبيان في الجاهلية، جمع وتحقيق ودراسة: سلامة عبد الله السويدي، مطبوعات جامعة قطر، الدوحة، 1987م، ص: 475

(14) ديوان عمر بن قميئة، تحقيق: حسن كامل الصيرفي، معهد المخطوطات العربية، مطابع دار الكتاب العربي، القاهرة، 1965م، ص: 132

(15) ديوان طرفة بن العبد، شرح الأعلم الشمنتريّ، تحقيق: درية الخطيب ولطفي الصقال، إدارة الثقافة والفنون، البحرين، المؤسسة العربية، بيروت، 2000م، ص: 117

(16) أخبار الراضي بالله والمتقي بالله، من كتاب: الأوراق، لأبي بكر الصوليّ(ت، 335هـ)، نشره: ج. هيورث، دن، دار المسيرة، بيروت، ط2، 1979م، ص: 241

(17) كتاب الحماسة البصرية، علي بن الفرج البصريّ(ت، 659هـ)، تحقيق، وشرح ودراسة: عادل سليمان جمال، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط1، 1999م، 1/279

(18) شعر همدان وأخبارها في الجاهلية والإسلام، جمع وتحقيق ودراسة: حسن عيسى أبو ياسين، دار العلوم، الرياض، ط1، 1983م، ص: 241

(19) الكميت بن زيد الأسدي، جمع وشرح وتحقيق/ محمد نبيل طريفي، دار صادر، بيروت، ط1، 2000م، ص: 185

(20) رسائل الجاحظ، الجاحظ(ت، 255هـ)، تحقيق وشرح: عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، دار الجيل، القاهرة، ط1، 1964م، 3/78

(21) جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد، ابن أبي السعادات بن أثير الجزريّ(606هـ)، جمع محمد سالمان، المكتبة الجامعية، مكة المكرمة، ط1، 1983م، 2/60

(22) الراوي: عبدالله بن، المُحَدِّث: شعيب الأرناؤوط، المصدر: تخريج سنن أبي داود، ص أورقم: 3387، أخرجه البخاري (2215)، ومسلم (2743) بنحوه، وأحمد (5973) باختلاف يسير، خلاصة حكم المُحَدِّث: صحيح.

 

([[1]]) شعر قبيلة ذبيان في الجاهلية، جمع وتحقيق ودراسة: سلامة عبد الله السويدي، مطبوعات جامعة قطر، الدوحة، 1987م، ص: 475

([[2]]) ديوان عمر بن قميئة، تحقيق: حسن كامل الصيرفي، معهد المخطوطات العربية، مطابع دار الكتاب العربي، القاهرة، 1965م، ص: 132

([[3]]) ديوان طرفة بن العبد، شرح الأعلم الشمنتريّ، تحقيق: درية الخطيب ولطفي الصقال، إدارة الثقافة والفنون، البحرين، المؤسسة العربية، بيروت، 2000م، ص: 117

الأكثر قراءة